مراجعة لعبة Dota 2

هناك قول مأثور يقوله مجتمع Dota 2 في كل مرة يدخل لاعب جديد إلى عالمها: "أهلاً بك في Dota 2 !"، ويستقبلونه بأذرع مفتوحة قبل أن ينهوا جملتهم بالقول: "أنت سيء في اللعب". وهم ليسوا مخطئون: إذ أن اللعبة ستمطرك خلال الساعات الأولى بالكثير من المعلومات لتدخل في مجتمع لا يرحم مليء باللاعبين التنافسيين. لكنك إذا تمكنت من المواظبة والاحتمال، ستصبح Dota 2 بالنسبة لك من أفضل ألعاب نمط اللعب المتعدد المجانية والمجزية في عالم الألعاب.

يستحق الفنانون في Valve المديح لتقديمهم أسلوباً واضحاً وسهل القراءة، والذي (بعد بعض التدريب) يجعل من السهل فهم ما يجري حتى ضمن مشاجرة ضخمة بين الفريقين (كل فريق يتألف من خمسة شخصيات متنوعة) حيث يقوم كل فريق بالتصادم وإلقاء التعاويذ على الآخر. ويعود الفضل لهذا التصميم المعقد في Dota 2 إلى خارطة Defense of the Ancients الأصلية في لعبة Warcraft III (والمعروفة بـ DOTA)، والتي أطلقت نوع الـ MOBA من الألعاب. فقامت شركة Valve (بعد أن قامت بتوظيف مطوري DOTA الرئيسيين) بنسخ هذه الصيغة بشكل كامل تقريباً، فنتج عنها لعبة Dota 2 التي اشتهرت حتى بين الألعاب الأخرى من نوع MOBA بصعوبتها البالغة، وكل هذا له ما يبرره. فهذه اللعبة هي سيف ذو حدين تقودنا إلى مقدمة مثيرة للرعب وإلى لعبة تنافسية على مستوى العالم في مستوياتها الأعلى.
وبالتالي، عليك ألا تتوقع أن تشعر بالاستمتاع منذ يومك الأول من اللعب... ولا حتى أسبوعك الأول. قد يكون هذا أمراً سلبياً في عالم الألعاب، لكن هناك منهج وراء هذا الجنون. باختصار، نظام Dota 2 معقد ذو طبقات عميقة، ولكي تتمكن من الاستمرار فيها عليك أن تفهم كل طبقة فيها وكيف تتفاعل مع بعضها. كل شيء فيها ابتداءاً من اللحظة التي تتعلم بها العمل كعضو ضمن فريق منسق، إلى اللحظة التي تتعلم بها كيف تقتل وحداتك الخاصة بك التي يقودها الذكاء الاصطناعي لكي تحرم أعدائك من نقاط الخبرة والذهب الذي سيحصلون عليه لو قاموا هم بهذا الأمر، إلى فهم تأثيرات مئات القدرات المعقدة مثل قدرة الـ Rupture عند الـ Bloodseeker (والتي تتسبب بأضرار كبيرة مع كل خطوة تخطوها) هي حواجز كبيرة ليس من السهل تخطيها. وحتى محاولتك لمعرفة البطل الذي يلائمك من بين الأبطال الـ 102 (واللذين يتزايد عددهم بشكل مستمر) هي تحدي يستغرق وقتاً طويلاً.
في البداية، تدخل اللعبة جاهلاً متخبطاً لا خبرة لديك، فتحاول أي بطل تشعر بأنه سيكون ملائماً. الاختيار محير جداً: قد يكون اللعب بشخصية Riki (والذي يمتلك القدرة على الاختفاء بشكل دائم) من المستوى السادس وما فوق هو الاختيار المنطقي، فمن الصعب قتل ما لا يمكنك رؤيته. أو ربما Drow Ranger والتي تمتلك قدرة تدمير كبيرة منذ اللحظة التي تفتح فيها قدرتها المطلقة (ultimate) في المستوى السادس، وسهامها الجليدية Ice Arrows التي تمتلك القدرة على الإبطاء فتساعدها على الهروب وعلى القتل. وستكون لديك خيارات في المستويات الأكثر تعقيداً مثل الـ Templar Assassin التي تمتلك قدرات التلاعب بالدروع، أو الـ Storm Spirit الذي يمتلك قدرات تحرك فائقة، فيتنقل في أرجاء أرض المعركة كالسهم ويتجنب التعرض للأذى ببساطة عبر عدم تواجده في المكان الخاطئ بالوقت الخاطئ. وفوق كل هذا هناك أكثر من 100 غرض لتختار فيما بينها ضمن كل لعبة، وكل غرض لديه طرقه الخاصة في التلاعب وفي تحسين إحصائياتك وقدراتك.

مرحلة تعلّمك تبدأ عندما تعتمد الأدوار والأبطال والبنى التي تلائمك ، (كما وعليك أن تتكيف بناءاً على ما يختاره اللاعبون الآخرون). فإذا كان الفريق الآخر يمتلك شخصية Riki على سبيل المثال، فعليك أن تعوض هذا عبر التركيز على قدرة الكشف. أو إذا واجهت الـ Bloodseeker وقدرة الـ Rupture القوية التي يمتلكها، ستضطر لحمل الـ Town Portal Scroll لتعود لمقرك بسرعة.
لتفهم الأبعاد الكاملة لكيفية تفاعل الأبطال وطرق قتالهم، عليك أن تطلع جيداً على الأنواع المختلفة لأنواع قدرات التدمير وكيفية تخفيفها، وكيف تتمكن من منع نوع معين من التعاويذ من التأثير عليك، وعندما تستخدم ذاك الإجراء المضاد، عليك أن تعرف كيف تعمل الأنواع المختلفة من هجمات الأعداء (aggro)، ومتى تحتاج للتلاعب بهم، وكيف تحسّن لعبك من حولهم.
وحتى بعد كل هذا، إن كنت تريد تجنب أن تتعرض للحصار في وضع غير مؤات، عليك أن تتعلم التقنيات الدقيقة التي لها الدور الحاسم في اللعبة، والتي يبدو أن Dota 2 تخفيها جيداً عن اللاعبين الجدد. فعلى سبيل المثال، لا يوجد أي تلميح حول خدع معينة مثل سحب مجموعة من الوحوش الحيادية خارج مناطقهم ليتمكن فريق جديد من التزايد لمضاعفة المكافئات. هذا أجبرني على القراءة والاطلاع خارج لعبة Dota 2، الأمر الذي كان له أثراً إيجابياً في تقديمي إلى مجتمع اللاعبين وجعلني أشعر بأني جزء منه. الأمر يكاد يشابه تقليداً شفهياً يربط قبيلة ببعضها البعض.
إن نظام الموازنة هذا لا يمكن أن يتواجد إلا في لعبة يمكن فيها للجميع الوصول إلى كافة الأبطال. إذ أن كافة الشخصيات الموجودة في Dota 2، ومن ضمنها الشخصيات الـ 102 المتزايدة باضطراد، متوفرة من اللحظة التي تكمل فيها الجولة التعليمية القصيرة. ولا يمكن لهذا النظام الدقيق الاستمرار إلا في حال لم يكن للأغراض القابلة للبيع أي تأثير على أسلوب اللعب.
وهذا ما فعلته Valve، فهي لم تقم سوى بتحسينات تجميلية، إذ أن تقريباً كل شيء هو من إبداع المجتمع وعلى مستوى عالٍ جداً. لا يوجد أبداً أي شيء يمكن أن تدفع ثمنه له أي تأثير على توازن اللعبة، وهذا أمر منقطع النظير في منافسات Dota 2.
إن كل ما مدحته في Dota 2 تقريباً، عدا عن كونها لعبة مجانية، مأخوذ بشكل مباشر من الخارطة الأصلية المذهلة. حيث أخذت Valve المبادرة لجعل Dota 2 تجربة أفضل بكثير بكل شيء فيها، حتى في تحسين واجهة الـ matchmaking السابقة للعبة، ودعم مجتمع اللاعبين المحترفين والمتحمسين، وحتى السماح للفنانين بابتداع وبيع أغراض تجميلية ضمن متجر Dota 2.

قد تكون الخطوات الأكثر أهمية هي التي قامت بها Valve تجاه ترويض المجتمع الشديد الحماس. فإلى جانب الـ matchmaking، والمجموعة المتنوعة من الأنماط المختلفة، فإن الأشياء التي لم تغيرها Valve واضحة أيضاً بنفس وضوح الأشياء التي غيرتها. فعلى سبيل المثال، لا يوجد زر للتنازل للتمكن من الانسحاب عند خسارتك لمعركة، وعلى الرغم من حصولك على ترتيب في الـ matchmaking لتضمن أن تواجه المنافسة الملائمة، إلا أن اللاعبين الآخرين لا يستطيعون رؤية ترتيبك. وإذا كان منع هذه الميزات يبدو كفكرة سيئة في ظاهرها، إلا أن تضحيتهم لم تكن عن عبث، فهي تمنع اللاعبين الإنفعاليين من الانسحاب من معركة ما عند أول إشارة للهزيمة، أو عندما يجتمعون بفريق واحد مع أشخاص لا يملكون إحصائيات تلبي معاييرهم، وهذا أمر محبط جداً في ألعاب الـ MOBA الأخرى.
وبطريقة مماثلة، أدركت Valve أهمية الأمر فيما يتعلق بالأشياء القابلة للفتح. فأي تقدم يتم إحرازه خارج اللعبة ليس له أدنى تأثير على الآلية في داخل اللعبة. فمن دون وجود أهداف مصطنعة يسعى إليها اللاعبون، تحافظ المعارك على نوع من العدل، حيث أن كل الأشياء التي تملك تأثيراً على نجاحك أو فشلك موجودة هناك على أرض المعركة، وداخل رأسك.
لقد رأيت أن أفكار Valve ناجحة بالنسبة لتجربتي الشخصية. لقد لعبت لأكثر من 1000 ساعة، وأصبحت مواجهاتي مع أشخاص لا يسعون للتصرف بشكل لائق تجاه أصدقائهم اللاعبين تزداد ندرة عبر مسار تطور Dota 2. لم أشعر بجو أكثر ودّاً مما أشعر الآن، على الرغم من أن هذه مقارنة نسبية. لكن حتى مع كل هذه التحسينات، برأيي أن الطريقة المثلى للعب Dota 2 هي مع فريق مؤلف من أربعة أصدقاء.
لكن رغبة Valve العنيدة للمحافظة على تصميم DOTA بدقة هي سيف ذو حدين بشكل أو بآخر. إذ نجد أن هناك بعض الخيارات في التصميم التي تشعر بأنها قديمة وغير ضرورية مأخوذة عن الأصلية، مثل الطريقة التي قد يقوم بها الـ Blink Dagger بحذف 200 وحدة حركية من قفزتك بشكل اعتباطي إذا بالغت في تقدير المسافة، أو كيف أن الأبراج أحياناً قد تتجاهل محاولاتك في إبعاد الهجوم (aggro) عنك أثناء الحصار. تشعر بأن هذه الخيارات كقطع أثرية من حقبة سابقة، تقاليد تم تناقلها فقط لمجرد كونها تقاليد.
يبدو أن المستقبل واعد بالنسبة للعبة Dota 2. في كل عام خلال فترة البيتا الطويلة تصدر مجموعة كبيرة من التحديثات التي تقوم بتغييرات واسعة لتحافظ على الإثارة والتجدد في اللعبة. وعلى اعتبار أننا نرى الدعم المستمر من Valve للعبة Team Fortress 2 (لعبتها المجانية الأخرى)، فهذا يجعلنا نراهن على أنها ستدعم هذه اللعبة بنفس الطريقة، أي أننا سنرى دائماً شيئاً جديداً نتعلمه وشيئاً جديداً لنتقنه في المستقبل المنظور. التحديثات تصدر بشكل أسبوعي، وفي أي يوم هناك العديد من الألعاب الاحترافية لتشاهدها. Dota 2 هي أبعد لعبة عما يمكن تسميته باللعبة الساكنة، ابتداءاً من التنوع الكبير في كل لعبة إلى الشعور الدائم بأنها لعبة لن تتوقف عن
الخلاصة: تستحق Dota 2 السمعة الكبيرة التي لديها، لكنها ربما قد لا تلائمك إذا كنت تحب أن تلعب بشكل عرضي. فهي لعبة تحتاج لاستثمار الكثير من الوقت حتى قبل أن تبدأ بالاستمتاع باللعبة، أو حتى قبل أن تشعر بأنك مؤهل للعب بها. لكن ما أن تبدأ بتعلم أسرارها، ستجد أن هناك تنوع كبير ومثير جداً من اللعب الذي لن تجد له مثيل في ألعاب أخرى، حتى ما بين الألعاب الشبيهة بها. إنها لعبة تتحدى معرفتك وردود أفعالك. وحقيقة أنها لعبة مجانية كلياً بالشكل الذي نحلم به أن تكون الألعاب المجانية تماماً، ليس أمراً كريماً جداً فحسب في عالم الألعاب، بل هذا يخلق فرصاً متكافئة حيث المهارة والتعاون هي الهداف الأسمى. وليربح الفريق الأفضل.

للمزيد من المعلومات ... اضغط هنا

Game advertisements by Game Advertising Online require iframes.